مقدمة:
يعد علم اللغة النصي بمدارسه المختلفة حلقة مهمة من سلسلة التطور والنضج الذي بلغته الدراسات اللسانية الحديثة منذ أواخر الستينيات من القرن العشرين. بيد أن إرهاصاته الأولى- كما يرى جل الدارسين المهتمين بتاريخ علم اللغة النصي- تعود إلى بداية الخمسينيات مع العالم اللغوي التوزيعي، الأمريكي هاريس Z.harris، وذلك من خلال دراستين رائدتين جمعهما في كتاب بعنوان" تحليل الخطاب Discours analysis "(1952م)، الذي أسهم من خلاله إسهاما هاما في " الانتقال من بنية الجملة ومكوناتها القاعدية، إلى البحث المنظم في العلاقات بين الجمل في بنية أكبر يمثلها النص"(2)، معبدا الطريق بذلك بعدئذ لجملة من الباحثين اللغويين النصيين الرواد الذين سيجعلون من النص مدار اهتماماتهم وقضاياهم اللسانية الجديدة؛ وذلك أمثال فان ديك T.A. Van Dijk الذي حاول تشييد صرح نظري متكامل لهذا العلم الجديد من خلال كتابه" بعض مظاهر نحو النص Some aspects of text grammar" (1972م)، والذي عمل على تطويره عام 1977م في كتابه " النص والسياق Text and context". ثم محاولات بعض معاصريه أمثال شتنمبل Stempelk وجليسون Gleason وهارفج Harweg ، وشميث Schmidt ودريسلر Dressler وبرنكر Brinker...وغيرهم (3). بيد أن علم اللغة النصي لم يبلغ نضجه التام إلا مع اللساني الأمريكي روبيرت دي بوجراند R.de beaugrande، الذي حاول تأصيل وتطوير هذه الدراسات النصية السابقة، خاصة دراسات فان ديك، بغية تأسيس نظرية شاملة تبحث في النحو النصي من حيث أشكاله ووسائله ومعاييره.
وقد ارتبطت نشأة هذا العلم اللغوي الجديد بجملة من العوامل، أهمها ما تذرع به أصاحبه من كون عملية التفاعل والتواصل ترتبط أساسا بإنجازات كلامية أوسع وأكبر من الجملة يمثلها الخطاب أو النص، ومن ثم نصوا على ضرورة تأسيس علم لغوي جديد يتجاوز الدراسة الوصفية للجملة، إلى دراسة طرق ترابط واتساق وانسجام هذه الوحدة القاعدية للتبادلات الكلامية والتواصلية في سياقات تداولية متباينة داخل وحدة لغوية أكبر هي النص. تقول خولة طالب في هذا السياق: " (...) إن الجملة ليست هي الوحدة الكلامية والخطابية، بل النص هو وحدة التبليغ والتبادل والتفاعل. وينبغي إذا (أردنا دراسة النشاط اللغوي الحقيقي لدى الإنسان) أن نتجاوز إطار الجملة لنهتم بأنواع النسيج النصي التي يحدثها المتكلمون أثناء ممارستهم الكلامية"(4).
وقد اهتم علم اللغة النصي منذ نشأته بجملة من الإشكالات اللغوية والقضايا الابستمولوجية المتعلقة بها، لعل أبرزها قضية النص ذاته، وما يتعلق به من إشكالات مرتبطة بمفهومه وماهيته، وحدوده النوعية ونظرياته، التي حاول كتاب "مدخل إلى علم اللغة النصي" لفولفجانج هاينه من، وديتر فيهفيجر خاصة الفصل العاشر منه مقاربة بعض جوانبها على نحو ما سنرى في الفقرات اللاحقة.
I-النص:
1- مفهوم النص وماصدقه:
أ- تضييق المفهوم واتساع الماصدق:
لقد انطلق الباحثان في هذا الفصل( الفصل العاشر) من تأكيد الطبيعة الإشكالية والزئبقية لمفهوم النص في حقل علم اللغة النصي، إذ غدا يستعمل استعمالات مختلفة ومتباينة ومتضاربة، بتضارب الحقول المعرفية والمنطلقات الابستمولوجية التي ينطلق منها كل دارس، نظرا للاستعمال الضيق والمطلق لمفهومه وعدم توسيعه، الأمر الذي وسع هوة ماصدقه حتى غدا يفهم فهما مختلفا بناء على منطلقات عدة ينطلق منها هذا الفهم، حصرها الباحثان في ثلاثة رئيسة، هي على التوالي:
أ-1- منطلق مرتبط بمنتج النص: وفيه يتم تحديد ماهية النص و"نصيته" انطلاقا من منتج النص(5)، ومن ثم يُنظر إليه بوصفه تحقيقا وانجازا لغويا لحدث شمولي له وجود ذهني كامن في ذهن منتجه بالقوة، لا يتحقق وجوده الفعلي إلا من خلال عملية الإنتاج، وما يعتمد عليه المنتج في هذه العملية من معارف وعلوم ضرورية(6)؛ من قبيل العلم اللغوي وما يقوم عليه من قواعد مورفو- تركيبية و معجمية، وكذا ما يرتبط بذلك من رموز وعلامات سيميائية فوق-لغوية دالة ومساعدة ومصاحبة لهذه القواعد،. ثم العلم الموسوعي أوالموضوعي، المتمثل أساسا في مختلف المعارف التي يكتسبها منتج النص من محيطه وبيئته، أو ما يسمى اختصارا بمعرفة العالم، والتي يوظفها أثناء عملية الإنتاج النصي هاته. ثم العلم التفاعلي، الذي يربط العلة الغائية لإنتاج النص بخدمته للقضايا التواصلية التفاعلية المتباينة في مرجعياتها وخلفياتها المعرفية، وذلك ما دام النص في جوهره صيغة أساسية" للاتصال اللغوي(...)، ووسيلة عالمية لتحقيق قصد الأفراد الفاعلين اجتماعيا، (...) ووسيلة عالمية لتحقيق حالات مرغوبة لدى المتكلم، (...) يستطيع بواسطتها الوصول إلى شيء في قضية التأثير المتبادل بين أفراد المجتمع"(7).
أ-2- منطلق مرتبط بمفسر النص: بالإضافة إلى المنطلق السالف، هناك توجه ثان انطلق في تحديده لماهية النص وحده من زاوية مفسر النص، حيث اعتبر أن النص لا يعد نصا البتة ولا تتحقق نصيته، وما تقوم عليه من قضايا الاتساق والانسجام إلا من خلال تدخل المفسر الذي يحقق له وجوده الفعلي، ويضفي عليه الانسجام والتماسك الدلالي، ويعيد بناء معناه وقصديته التداولية؛ وذلك من خلال المعارف والاستراتيجيات المختلفة التي يوظفها أثناء عمليتي التفسير والفهم، بوصفهما نشاطين بنائيين مركبين" يتجاوز المتلقي عند مزاولتهما كثيرا معالجة معلومات المعنى، حيث يملأ المتلقي بناء معلومات النص الغامض في العادة بعلم مسبق أو معارف، مما يكون قد خزن في في ذاكرته، أو اكتسب أو حدث بواسطة التقويم الإدراكي الذي يسبق فهم النص"(8).
أ-3- منطلق مرتبط بالنسق اللغوي للنص ذاته: وفيه تم النظر إلى ماهية النص وفهم حده من خلال النسق والنظام اللغوي الذي يشكل بنية النص تشكيلا ماديا فيزيقيا محسوسا وقابلا للملاحظة، سواء أكان هذا النص- في حضوره المادي الملاحظ هذا- شفهيا أو مقيدا بعملية الكتابة.
ب-توسيع مفهوم النص وتقييد ماصدقه باعتماد مبدأ التبني:
انطلاقا من هذا الفهم الواسع للنص، ومن استعمالاته المتباينة حاول الباحثان تبني المنطلق الثالث الذي يفهم النص انطلاقا من النظام اللغوي الذي يشكله، وذلك بغية توسيع مفهومه لتضييق ماصدقه وعقل حده وضبط ماهيته التي ارتبطت- عندهما- بالحضور اللغوي المادي للنص في تشكله القائم على الثنائية الفلسفية الأنثروبولوجية:شفهي/ كتابي، أو- بالمعنى الذي وظفه جاك دريدا لنقد الميتافيزيقا الغربية في صيغتها العقلانية- الصوت/ الكتابة، وذلك في سياق تواصلي تفاعلي وديناميكي، دون ارتباطها بالمنطلقات الأخرى المتعلقة بعملية الإنتاج وعملية التفسير. يقول المؤلفان في هذا السياق: "ولكي لا يبقى التصور الأساسي مستخدما بمفاهيم مختلفة، سيقتصر استعمال النص فيما يأتي على المعنى المذكور أخيرا، وبذلك يعود على الأقوال التي تمثل بإحدى هاتين الصيغتين(يقصدان الصيغة الكتابية والشفهية للنص)، والتي تنتظم أحد هذين النمطين من الوجود"(9). بل إنهما زادا من توسيع مفهوم النص هذا لتضييق ماصدقه ومن ثم تقييد حده ؛ وذلك بالانتقال من ربطه بالحضور اللغوي بصيغتيه الكتابية والشفهية عامة وما يرتبط بهما من علامات سيميائية مصاحبة، إلى ربطه - في إطار علم اللغة النصي- بالعلامات اللغوية فحسب دون غيرها من الأنساق السيميائية فوق اللغوية الأخرى، المرتبطة أساسا بملامح الوجه والإيماءات والإشارات والمعادلات والتصاميم والرسومات المصاحبة لإنتاج النص والمساعدة على تفسيره وفهمه التي تعطيه معنى واسعا، مؤكدين في هذا السياق أن معظم الأبحاث التي أنتجت في مجال علم اللغة النصي حتى الآن تقوم على هذا الفهم الضيق للنص، الذي يبقى- على حد تعبيرهما- تضييقا مشروعا ووظيفيا ومنهجيا؛ وذلك ما دامت لم توجد لحد الآن نظريات نصية حسمت بنتائج علمية أكاديمية في كيفية وطرق تفاعل الوسائل اللغوية مع الوسائل فوق اللغوية أثناء عملية الإنتاج النصي، وكذا في كيفية توظيفها ودمجها في نموذج تحليل النص. يقول الباحثان في هذا المضمار: " ولا يعد هذا تضييقا غير مقبول ( يقصدان قصر النص في حقل علم اللغة النصي، على الرموز اللغوية دون غيرها من الأنساق فوق اللغوية)، بل طريق منهجية ضرورية، استندت إلى واقع المعرفة الحالية. فاليوم لا يزال باب حل المشكلة مفتوحا على مصراعيه، كيف تتفاعل الوسائل اللغوية مع الوسائل فوق اللغوية (أي الحركات وتعبيرات الوجه)، وكيف تدرس الأدوات فوق اللغوية بالتفصيل، وكيف يمكن دمجها في نموذج تحليل النص"(10). ولعل الباحثين في هذا التحديد قد تأثرا – وإن لم يصرحا بذلك- أشد التأثر باللساني الهولندي فان ديك T.A. Van Dijk حين ربط النص هو الآخر بالحضور الشفهي والمكتوب للغة في سياق تواصلي محدد من خلال العلامات اللغوية دون غيرها من النظم السيميائية الأخرى. يقول " فان ديك" في هذا السياق: " لنوضح قبل كل شيء، أننا سنعني " بالنص" النصوص الشفوية، والمكتوبة و(المطبوعة) على حد سواء، برغم أن المقصود بالنص عادة في اللغة المتداولة هو أساسا النصوص المكتوبة أو المطبوعة. ثم بعد ذلك سنعتبر النصوص صورا خاصة من الأقوال اللغوية، ويعني هذا، في المقام الأول، أن نصوص اللغة الطبيعية هي الموضوع الأساسي لعلم النص وليس النصوص المنتمية إلى نظم " سيميائية" أخرى(" السنن") مثل نظم الموسيقى والصورة والسينما والرقص والإشارات إلخ".(11)
من هذا المنطلق ذي البعد اللغوي والتواصلي الديناميكي، سيؤسس الباحثان نظرتهما وفهمهما الخاص للنص داخل علم اللغة النصي؛ وذلك بوصفه نظاما وحضورا لغويا شفهيا ومكتوبا لغايات تواصلية تفاعلية ديناميكية في سياق تداولي مخصوص، يشترك في تحديده ووضعه كل من منتج النص ومتلقيه بما يشتركان فيه من ذخيرة علمية موسوعية، ومن معرفة خاصة عن العالم، الأمر الذي يعني من خلال هذا التصور الديناميكي للنص أن هذا الأخير ليس غاية في ذاته، ولا يتحقق معناه وتناسقه وصفاته النوعية إلا في سياق وظيفته التواصلية وما تقوم عليه من تفاعل بين المشتركين في الحدث اللغوي التواصلي، من خلال عملية الإنتاج ثم الفهم والتفسير، التي تخرج مقصديته التداولية من حيز الوجود بالقوة إلى نطاق الوجود بالفعل وتحقق له تماسكه وانسجامه وتضمن له استمراريته الأنطولوجية، هذا فضلا عن بعض السمات والمعايير النصية الأخرى التي تؤدي الوظيفة نفسها، والتي ركزت عليها جل الدراسات في علم اللغة النصي كما سنرى في الفقرات اللاحقة.
ج- السمات والمعايير المحددة لنصية النص في علم اللغة النصي:
إذا كان الباحثان قد أسندا دور تحقيق نصية النص وصفاته أساسا إلى العلاقة التفاعلية الدينامكية بين منتج النص ومتلقيه، وما تقوم عليه من استراتيجيات ومعارف، فإن معظم الدراسات الأخرى في علم اللغة النصي- كما يؤكدان- أسندت هذه المهمة إلى جوانب ومعايير وسمات أخرى، حددها الباحثان في أربع رئيسة، هي:
ج-1- معيار بنيوي كمي: وهو معيار يقتضي في النص أن يكون أكثر تركيبا وتعقيدا من الجملة؛ أي اعتبار النص متوالية من الجمل.
ج-2- معيار التناسق: يعد هذا المعيار صفة ملازمة ولصيقة بالنص، ويتمثل بالأساس في مختلف الآليات والروابط المنطقية واللغوية التي توظف في النص للربط بين جمله وفقراته وقضاياه.
ج-3- معيار البنية الكلية: أو معيار موضوع النص بوصفه" بنية دلالية، بواسطتها يصف فان ديك انسجام الخطاب"(12)، وأداة إجرائية للتمييز بين الأقوال النصية من غيرها.
ج-4- معيار الصفة النوعية: هو عبارة عن مفهوم مجرد وفضفاض، ولعل المقصود به في هذا المقام مختلف الصفات الجوهرية التي تحدد ماهية النصوص، وهي صفة – كما يرى الباحثان- لها عزلة نسبية، وقد انطلقت منها كل التعريفات الخاصة بالنص.
II- نظرية النص:
تعد نظرية النص – إضافة إلى مفهوم النص- من أهم الإشكالات التي شغلت المهتمين بعلم اللغة النصي، خاصة فيما يتعلق بتحديد مجالاتها وبنائها وموضوعها الرئيس...وغيرها من القضايا النظرية والمعرفية الأخرى المتعلقة بها. من هذا المنطلق إذن فإن الإشكال الذي يفرض نفسه في هذا المقام هو: كيف حدد الباحثان نظرية النص هاته؟ وما موضوعها ومجالاتها النظرية التي تحدد بناءها ونسقها؟
لقد حدد الباحثان نظرية النص بوصفها جملة من العلاقات النسقية المتداخلة الأجزاء، التي يحاول كل جزء منها وضع أو بالأحرى طرح تصور بانٍ ووظيفي، وصفات خاصة ببناء النص وتوضيحه. وتشمل نظرية النص حسب ما ذهب إليه الباحثان ثلاثة مجالات نظرية كبرى، هي:
1-نظرية القواعد: وقد سميت في الفصل السابع من الكتاب بـ" العلم اللغوي"، وهي مختلف القواعد والقوانين المورفو- تركيبية والمعجمية التي تدرس أنساق العلم المختلفة، التي تتجسد في بنية النص.
2-نظرية السلوك اللغوي: وهي ما يعرف في حقل التداوليات بنظرية الأفعال اللغوية أو الأفعال الخطابية، بوصفها "الوحدة الصغرى التي بفضلها تحقق اللغة فعلا بعينه( أمر، طلب، تصريح، وعد...) غايته تغيير حال المتخاطبين"(13)، وكذا توضيح البناء والإجراءات الآلية لعلم الإنجاز النظري المعتمد عليه أثناء عمليتي إنتاج النص وتفسيره.
3- نظرية إنشاء النص: التي تهدف أساسا إلى إبراز وتجسيد مبادئ تنظيم البنيات النصية الكلية، وكذا الصفات الجوهرية المحددة لأنواع النصوص.
ويرى الباحثان في هذا الصدد أن هذه المجالات تشتغل بشكل نسقي و متصل ومتداخل وتضافري وقد تم فصل بعضها عن بعض هنا لغاية توضيحية ومنهجية فحسب. كما أكدا في هذا السياق أيضا أن هذه المجالات- وإن كانت تعمل بشكل تضافري ومتصل- لم تحظ إلى حد الآن بنفس الدرجة من الاهتمام؛ فإذا كان الفكر اللغوي الحديث له معرفة كبيرة بنظرية القواعد منذ الثورة اللسانية السوسيرية خلال القرن التاسع عشر، فإنه بالمقابل يمتلك معرفة ضعيفة وراكدة حول نظرية الأفعال اللغوية، التي لم تتجاوز بعد الاهتمام باللفظة المفردة داخل الجملة في سياق استعمالاتها التواصلية، والأمر نفسه- في زهده ومحدوديته- ينطبق على معرفته بنظرية إنشاء النص. الأمر الذي قد يؤثر سلبا على الأبحاث المنصبة على النص ونظرياته المتعلقة بعمليتي الإنتاج والتفسير في حقل علم اللغة النصي.
على سبيل الختم:
هكذا إذن يضح جليا من خلال ماسبق، أن مفهوم النص قد ظل ولا يزال من أبرز القضايا والإشكالات اللغوية والمعرفية التي تشغل علم اللغة النصي، ويتضح ذلك جليا من خلال تضارب الآراء حول هذا المفهوم ، وصعوبة وضع تحديد دقيق وحاسم يحدد ماهيته، التي اتخذت في هذا العلم- كما اتضح- طابعا ميتافيزيقيا يقوم على ثنائية الزهد والكرم(14)،حيث تم في الشق الأول من الثنائية حصر مفهوم النص داخل دائرة ضيقة، يُنظر إليه فيها إما من زاوية نظامه اللغوي المحض، في حضوره المادي المتجسد من خلال بعديه الشفهي والمكتوب، مع إقصاء باقي الزوايا الأخرى، كزاوية إنتاجه وما ترتبط به من معارف، وزاوية تفسيره وفهمه، وما يرتبط بذلك من استراتيجيات. وإما من زاوية إنتاجه، مع إقصاء زاويتي تفسيره، ونظامه اللغوي. أو من زاوية تلقيه وتفسيره مع إقصاء زاوية النسق اللغوي، وزاوية الإنتاج. أما في الشق الثاني، فتم فيه توسيع ماصدق النص، لجعله يشمل كل المحددات السالفة ويحتويها. هذا فضلا عن إشكالات وقضايا أخرى كثيرة طرحها هذا المفهوم، ارتبطت أساسا بنظرية النص وموضوعها وبنائها، وبعلاقة النص مع بعض المفاهيم الأخرى المجاورة له ؛ من قبيل مفهوم الخطاب ومفهوم الجملة، ومفهوم الملفوظ ومفهوم الجنس...وغيرها.
الهوامش:
(1)- مدخل إلى علم اللغة النصي، هاينه من، فولفجانج، وفيهفيجر، ديتر، مدخل إلى علم اللغة النصي، تر. فالح بن شبيب العجمي، المملكة العربية السعودية، النشر العلمي والمطابع، جامعة الملك سعود.
* نظرا لكبر حجم الكتاب وضيق المقام حاولنا الاشتغال على الفصل العاشر فحسب، نظرا لعلاقته الوطيدة بموضوع المقال أكثر من باقي فصول الكتاب الأخرى.
(2)- بوقرة، نعمان، "نحو النص ومبادئه واتجاهاته في ضوء النظرية اللسانية الحديثة، مجلة علامات في النقد، ماي، 2007م، المجلد 16، العدد61، ص، 8.
(3)- يُنظر بهذا الصدد، عفيفي، أحمد، نحو النص، اتجاه جديد في الدرس النحوي، القاهرة، مكتبة زهراء الشرق، 2001م، ص، 33. ثم الصبيحي، محمد الأخضر، مدخل إلى علم النص ومجالاته التطبيقية، الجزائر، دار الاختلاف، ط. الأولى، 2008م، ص، 63.
(4)- - طالب، خولة، مبادئ في اللسانيات، نقلا عن الصبيحي، محمد الأخضر، مرجع مذكور، ص، 64.
(5)- يُنظر بهذا الصدد، هاينه من، فولفجانج، وفيهفيجر، ديتر، مدخل إلى علم اللغة النصي، مرجع مذكور، ص،169.
(6)- تُنظر تفاصيل ذلك في المرجع السالف نفسه، ص ص، 125، 126، 127، 128، 129.
(7)- نفسه، ص، 128.
(8)-نفسه، ص ص، 153، 154.
(9)-نفسه، 169.
(10)- نفسه، ص، 170.
(11)- نظرية الأدب في القرن العشرين، مجموعة نصوص مترجمة، تر. محمد العمري، أفريقيا الشرق، 2005م، ص49.
(12)- خطابي، محمد، لسانيات النص، مدخل إلى انسجام الخطاب، المركز الثقافي العربي، ط. الأولى، 1991م، ص، 42.
(13)- مانغونو، دومينيك، المصطلحات المفاتيح لتحليل الخطاب، تر. محمد يحياتن، الجزائر، منشورات الاختلاف، ط. الأولى، 2008م، ص، 7.
(14)- لقد استعرنا هذه المفهوم ( ميتافيزيقا النص) من بعض محاضرات الباحث والمفكر عبد الرحيم جيران التي ألقاها على طلبة المدرسة العليا للأساتذة، مرتيل- المغرب، عام 2008.